1

الثلاثاء، 25 يونيو 2013

نص المذكرة القانونية لتمرد فى مواجهة مرسى تنفيذا لرغبة الشعب المصرى

"الدستور" أكد أن الشعب إذا ثار على ما ارتآه من ظلم وطغيان وقهر وإقصاء واحتكار فإنه يحميه ويصون ثورته الجديدة



أعد سامح عاشور، نقيب المحامين، والقيادى بجبهة الإنقاذ الوطنى، مذكرة شارحة بالأسباب والأسانيد الدستورية والقانونية المؤيدة لحجية وقانونية استمارات حملة "تمرد"، لسحب الثقة من الرئيس محمد مرسى، وجماعة الإخوان المسلمين.
وهذا نص المذكرة:
مذكرة شارحة بالأسباب والأسانيد الدستورية والقانونية المؤيدة لحجية وقانونية استمارات حملة "تمرد"
مقدمة من سامح عاشور
المحامى بالنقض
نقيب المحامين
إلى جموع الشعب المصرى ولكل من يهمه الأمر:
يعتقد البعض واهماً في ظنه أن فكرة جمع التوقيعات على أمر معين أو فكرة سحب الثقة هي من نسج الخيال وليس لها أصل تاريخي أو قانوني.
فعلى الصعيد المحلي لا ننسى انطلاق حملات مشابهة عبر عقود طويلة ولعلنا نتذكر وقتما رغب الزعماء الثلاثة (سعد زغلول ـ عبدالعزيز فهمي ـ علي شعراوي) عام 1919 الذهاب لمؤتمر الصلح في باريس بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى للمطالبة باستقلال مصر فما كان من المندوب السامي البريطاني وقتها "ونجت" إلا أن واجههم رافضاً ومتهكماً : "من أنتم حتى تمثلوا الشعب المصري" فما كان منهم – دون يأس – إلا أن قاموا بعمل صيغة جمعوا عليها توقيعات قطاع عريض من الشعب المصري لتفويضهم وتوكيلهم عنهم.
وانتشرت أوراق جمع التوقيعات رغم حصارها ومحاربتها إلا أنها أصبحت رمزاً وفكرة وحلم لجموع المصريين ضد الاحتلال الغاشم وانتصرت إرادة الأمة في الحرية والاستقلال على إرادة الاحتلال.
وعلى الصعيد العالمي أيضاً لم تكن فكرة سحب الثقة بعيدة عن التطبيق الواقعي فهي طبقت في عديد من دول أوروبا لكن أشهرها في التاريخ الحديث كانت عام 2003 في ولاية كاليفورنيا بالولايات المتحدة الأمريكية فقد قام أحد أعضاء الحزب الجمهوري بعمل حملة لسحب الثقة من حاكم ولاية كاليفورنيا "جراي ديفيس" بعد عام من انتخابه بسبب إحفاقاته السياسية وإلقاؤه اللوم دائماً على الحاكم الذي سبقه واعتبر "ديفيس" وقتها أن إجراءات سحب الثقة منه هي إهانة لإرادة ما يزيد عن 8 مليون ناخب قاموا بانتخابه منذ عام واحد فقط وحاول حزبه "المحافظين" إنقاذه بأن قاموا بعمل حملة مضادة لتأكيد الثقة فيه مرة أخرى بجمع توقيعات للمؤيدين وبعد مرور أقل من شهرين على الحملة أظهرت الاستطلاعات أن 50% من عدد السكان يؤيدون سحب الثقة مما اضطره للتنازل.
وكل هذه الحملات العالمية والمحلية كان مردها الدستوري هو إعمالاً لصحيح نظرية سيادة الشعب في ممارسة السلطة استخداماً وممارسة للديمقراطية المكفولة له بنص الدستور والقانون.
ولأن الدستور في تعريفه: "هو القانون الأعلى الذي يرسي القواعد والأصول التي يقوم عليها نظام الحكم ويقرر الحريات والحقوق العامة ويرتب الضمانات الأساسية لحمايتها ويحدد لكل من السلطة التشريعية والتنفيذية والقضائية وظائفها وصلاحيتها ويضع الحدود والقيود الضابطة لنشاطها ما يحول دون تدخل أي منها في أعمال السلطة الأخرى أو مزاحمتها في ممارسة اختصاصاتها"، فهو بذلك ـ أي الدستور ـ عند قراءته لابد من التدقيق في كل ما يحويه من نصوص وعبارات وقواعد حتى نقف على المعنى الحقيقي المقصود.

وبمطالعة الدستور المصري الذي نتحفظ عليه وعلى مضمونه ولا نتمسك فيه إلا بما استقرت عليه الشرعية الدستورية في جميع أنحاء العالم والمبادئ الدولية المستقرة والمتفق عليها ونؤكد أننا نحاج القائمين على السلطة لما سطروه في دستورهم وخدعوا به الأمة من أول ديباجته نجد أنه يؤكد على:

"أن هذا الدستور وثيقة ثورة الخامس والعشرين من يناير التي فجرها شبابنا والتف حولها شعبنا وإنحازت إليها قواتنا المسلحة بعد أن رفعنا في ميدان التحرير وفي طول البلاد وعرضها كل صور الظلم والقهر والطغيان والاستبداد والإقصاء والنهب والفساد والإحتكار"
وأكدت ديباجة الدستور أيضاً على:
أولاً: الشعب مصدر السلطات يؤسسها ويستمد منه شرعيتها وتخضع لإرادته ومسؤولياتها وصلاحيتها أمانة تحمله لا امتيازات تتحصن خلفها.
ثانياً: نظام حكم ديمقراطي يرسخ التداول السلمي للسلطة ويعمق التعددية السياسية والحربية ويضمن نزاهة الانتخابات وإسهام الشعب في صنع القرارات الوطنية"
وبالنظرة الدقيقة لهذا السرد الوارد في ديباجة الدستور تجدر الإشارة إلى مبادئ عدة لابد من التأكيد عليها:
أولاً: أن هذا الدستور هو وثيقة ثورة تفجرت عن طريق الشباب والتف حولها الشعب ما يؤكد بشكل جلي أن الثورات محمية بنص الدستور ومصونة بأحكامه لايجب النظر إليها وما شابهها على أنها عمل غير مشروع يعاقب عليه القانون وبتلك الثورات سقطت أنظمة وقامت أنظمة جديدة من المفترض أنها كانت تقوم على تحقيق مطالب ثورية أتت بهم في النهاية إلى سدة الحكم.
ثانياً: أن ديباجة الدستور قد قررت للشعب حقوق عدة أهمها أن للشعب حق في الإسهام في صنع القرارات الوطنية فإذا ما ثار على ما إرتآه من ظلم وطغيان وقهر وإقصاء واحتكار كما هو الحال في ثورة الخامس والعشرين فإن الدستور يحميه في ذلك ويصون ثورته الجديدة.
ثالثاً: أن الدستور في ديباجته وفي نصوصه أكد ضمن ما أكد علي أن الشعب هو مصدر السلطات أي أنه منشئها وهذه السلطات تستمد مشروعيتها القانونية والدستورية من ذلك الشعب الذي أنشأها وكل هذه السلطات في مجملها تخضع لإرادته وفق نصوص الدستور فإذا ما وجد – الشعب – أن هذه السلطات انحرفت عن المسار الذي أنشئت من أجله حق له بل واجب عليه أن يتدخل لتصحيح مسارها الذي إعوج كما فعل من قبل حينما وجد مؤسسات الدولة انحرفت عن مسارها فثار عليها حتى أسقطها ورغم أن الدستور السابق 1971 لم يشر صراحة لحماية هذا النوع من الإجراءات "التحركات الثورية" فإن الدستور الحالي نص صراحة أنه وثيقة ثورة ولذلك فالحماية مضاعفة فلو أن التحركات الجماهيرية تعكس إرادة شعبية مصونة يضاف إليها النصوص الجلية التي تؤكد وتحمي وتصون هذه الإرادة وتحث على التحرك الثوري إذا ما دعت الحالة ذلك من وجهة نظر الثائرين.
كما نجد أن في نهاية الديباجة التي لا تنفصل عن الدستور إلتزام من الدولة والشعب معاً بالثوابت الواردة في هذا الدستور .. ديباجة ونصوص "
وقد جاء في هذا المقام المادة الخامسة من الدستور التي تنص على :
"السيادة للشعب يمارسها ويحميها ويصون وحدته الوطنية وهو مصدر السلطات وذلك على النحو المبين في الدستور".
ويعد هذا انعكاساً وتجسيداً واضحاً لنظرية "سيادة الشعب" وقد ذهبت كافة الشروح والتفاسير القانونية والسياسية لتلك النظرية على أنها تقوم على أن السيادة للجماعة بوصفها مكون من عدد الأفراد أي أنها تنظر إلى الأفراد ذاتهم وتجعل السيادة شركة بينهم فهم ليسوا كتلة واحدة لا تتجزأ إنما هي حق لكل فرد في الجماعة بقدر متساو بمعنى أنه إذا كان مجموع ما حصل عليه الرئيس مثلاً يساوي عدد معين مارس سيادته فلا يعنى هذا بأي حال من الأحوال انكار هذه السيادة على باقي الشعب باعتبارها موزعة عليهم ايضاً والفيصل هنا هو مجموع الأفراد اللذين اتجهت إرادتهم نحو أمر معين.
لأن كل فرد طبقاً لمبدأ سيادة الشعب – الذي أقره الدستور – له نصيباً متساوٍ من هذه السيادة وهو ما يعني أن كل فرد له حق ممارسة السلطة كمظهر من مظاهر هذه السيادة .
وقد إنعكس مبدأ سيادة الشعب على ممارسة الحرية السياسية وقد أدى هذا المضمون إلى نتائج هامة قانونياً وسياسياً، حيث انعكس ذلك بصورة مباشرة على ممارسة الحرية السياسية فتوسع نطاقها لتشمل أكبر عدد من الأفراد وتنوعت آليات ممارستها نظراً لتعدد المنافذ السياسية التي تطل منها على حركة الحياة الاجتماعية وهكذا فإلى جانب الصورة النيابية لممارسة الحرية السياسية والتي تتمثل في اختيار الأفراد لمن سيتولون مهمة التعبير عن صاحب السيادة الأصيل وهو الشعب ايضاً هي تمكن أفراد المجتمع السياسي "الشعب" من الممارسة المباشرة لحريتهم السياسية دون وسيط أو وكيل حتى وإن اختاروه فاختيارهم له لتوكيله بمهمة التعبير عن سيادتهم لا يحرمهم من ممارستها فهي حق أصيل لهم.
ومن مظاهر ذلك الديمقراطية بأنواعها وكذلك الصورة الشعبية عن طريق الأحزاب السياسية وجماعات الضغط.
ولقد أجمع العالم بأسره في الدول الديمقراطية أن الأسلوب الأمثل والمعترف به قانوناً والمحمي دستورياً هو وجود هيئات تمثيلية منتخبة من قبل الشعب "البرلمان ـ الرئاسة" تمارس السلطة باسمه ولحسابه إلى جانب مشاركة الشعب المباشرة في ممارسة السلطة بطرق وصور مختلفة.
لدرجة أن بعض التفاسير القانونية والدستورية ذهبت إلى جواز طرح مشورع أو اقتراح على الشعب لإبداء الرأي فيه دون عرضه حتى على البرلمان المنتخب حيث بمجرد الموافقة عليه من قبل الشعب بشكل مباشر يكتسب قوته الإلزامية للجميع.
وهذا ما حدث بالحرف إبان ثورة يناير المجيدة فقد طرح شبابنا أمر الثورة على الفساد والظلم والقهر والاستغلال على جموع الشعب فوافق الشعب مطالب الشباب وتلاقت إرادتهما والتف الشعب حول ثورة الشباب حتى أسقطت النظام المنتخب والبرلمان المنتخب.
وكذلك الأمر بالنسبة لحملة تمرد فهي طرحت أسباباً على الشعب ارتأت في حدود سيادتها الشعبية أنها أسباب كافية لسحب الثقة من رئيس الجمهورية وتخليه عن الحكم وقد لاقى طرحها هذا قبولاً من غالبية الشعب ومارس سيادته الشعبية ايضاً في قبول هذه الأسباب ما يعد ممارسة جلية وصحيحة لنظرية سيادة الشعب الذي أقرها الدستور ولا يعفي من ممارسة هذه السيادة كون الرئيس منتخب من عدمه لأن إرادة الجماهير إذا كان لها رأي آخر أصبحت إرادتها هذه بمثابة قوة إلزامية أقوى من سلطة الرئيس المنتخب.
كما تجدر الإشارة على أن هذا المبدأ له أصل ووجود من الناحية الشرعية فإن سلطان الأمة أو الشعب له الحق في اختيار الحاكم الذي يحكمه وكذلك توجيهه ومساءلته ومحاسبته ومحاكمته وعزله إذا لم يكن صالحاً للحكم"
ويثور التساؤل:
هل ينسحب هذا المفهوم ويمتد إلى العمل الذي تقوم به حملة تمرد؟
الإجابة بمنتهى الوضوح وطبقاً للتفاسير المعمول بها على مستوى كافة الدول الديمقراطية التي تأخذ بمبدأ سيادة الشعب كما هو الحال في الدولة المصرية فإن ما تقوم به حملة تمرد عبارة عن ممارسة ديمقراطية شعبية سلمية دستورية قانونية يمارس فيها الشعب سيادته وصلاحياته التي خولها له الدستور والقانون بل حثه عليها بممارستها وحمايتها إذا لزم الأمر فالتوقيعات المجمعة تعبر عن إرادة شعبية تعكس سيادة الشعب في اتخاذ قرارات معينة.
ولأن الديمقراطية والمواطنة هما أساس ممارسة سيادة الشعب، فقد جاءت المادة السادسة من مواد الدستور لتنص على:
"يقوم النظام السياسي على مبادئ الديقراطية والشورى والمواطنة التي تسوي بين جميع المواطنين.."
وفي ذلك مفهومان لابد من الإشارة إليهما:
الأول: شكل الحكم
الثاني: نظام الحكم.
إذا كان شكل الحكم هو التنظيم الذي تكون عليه المؤسسات السياسية العليا في الدولة مثل مؤسسة الرئاسة والحكومة والسلطة التشريعية وطرق تكوينها ومبادئها . فإن نظام الحكم المقصود به شكل الحكم بالإضافة إلى الوسائل والأساليب المستخدمة لممارسة الديمقراطية والعملية السياسية برمتها.
ويتجلى هذا المفهوم من الناحية الدستورية في عدة عناصر منها :
المشاركة الفعلية المباشرة والمستمرة للمواطنين في تحديد اختيارات وسياسة البلاد وتطبيق هذه السياسة، وهذا ما تقوم به حملة تمرد أنها تشارك بشكل فعلي ومستمر في تحديد واختيار سياسة البلاد بل وتطبقها.
رفض الهيمنة الأيدلوجية والمذاهب السياسية .
وهذا ما تقوم به حملة تمرد أيضاً أنها رفضت من خلال التوقيعات التي جمعتها كل أشكال الهيمنة والاستئثار والسيطرة السياسية من جانب رئيس الجمهورية وارتأت أنه غير أهلاً للثقة التي منحه إياها وقررت سحبها منه.
ومن المعلوم أن هذه الممارسة الديمقراطية تطبق من خلال أن ينتخب الشعب ممثلين عنه ليكونوا نواباً عنه في السلطة سواء السلطة التشريعية (البرلمان أو السلطة التنفيذية ـ رئيس الجمهورية) هذا حق ثابت.

لكن الحق الأكثر ثبوتاً أيضاً الذي يتغافل عنه الجميع أن الشعب يحتفظ بحقه في محاسبة السلطات والاعتراض عليها ومن هنا تسعى الديمقراطية إلى تحقيق الغاية منها في ممارسة الشعب للسلطة" مبدأ سيادة الشعب إلى حكم الشعب لنفسه وبنفسه".
ورغم أن للديمقراطية أبعاداً وتأثيرات اقتصادية واجتماعية إلا أنها تعد مذهباً سياسياً يعتمد على أساس نظري يتمثل في كون الشعب مصدراً للسيادة وعلى أساس عملي يتمثل في ممارسة الشعب للسلطة.
ولذلك فإن مفهوم السيادة ومفهوم الإرادة العامة للشعب هو فوق أي إرادة فردية لا يقبل الجدل أو النقاش في حقها حيث تأسست وهو يقرر حقوق لأفراد هذه السيادة "الشعب" أنه – أي الشعب – يحمل الحكام أي انتهاك للحقوق ويسمح للشعب بمقاومة حكامة عند ظهور بوادر انحراف واضطهاد وهذا مفهوم من الديمقراطية – المقررة دستورياً – وهذا المفهوم قديم بقدم الدعوة إليها فيرجع إلى جان جاك روسو– وهو واضع اصطلاح "السيادة الشعبية".
وهذا ما تقوم به حملة تمرد في أنها جمعت إرادتها الشعبية فأصبحت إرادة لا تقبل الجدل فهي تأسست وانعقدت نحو سحب الثقة من رئيس الجمهورية للأسباب التي ارتأتها فقاومته بشكل ديمقراطي يكفله الدستور الذي إرتضى أن يقوم النظام السياسي على مبادئ الديمقراطية والمواطنة نظراً لما بدر منه من انحرافات واخفاقات واضطهاد وذلك كله ممارسة لسيادتها الشعبية.
وحول مجادلة البعض بإرادة الناخبين التي إتجهت نحو رئيس الجمهورية والمجادلة بأن حملة تمرد تقفز فوق هذه الإرادة.
يرد على هذا الطرح جان جاك روسو ومن بعده كل النظريات القانونية الداعمة للديمقراطية المقررة بالدستور فيؤكد على أن :
"السيادة هي جمع أصوات المواطنين كافة لاستخراج الأكثرية منه" فالمعيار هنا هو أي الأكثرية تزيد عن الأخرى؟؟؟ تلك التي اتجهت إرادتها لانتخاب رئيس الجمهورية أم التي اتجهت ووقعت على سحب الثقة منه عن طريق حملة تمرد فالسيادة الشعبية تنعقد للأكثرية من بين هاتين الإرادتين"؛ لأن كل ذلك مبني على فكرة المواطنة والإرادة العامة فهي لا تتجزأ أو غير قابلة للتنازل.
كما أننا نؤكد أن حملة تمرد عبرت تعبيراً سلمياً من الناحية الديمقراطية والقانونية والدستورية حيث أنها قامت في الأساس على مفهوم ديمقراطي مبني على حقوق المواطنة الذي يكسب الحملة عدة حقوق قانونية مكفولة بحكم ومواد الدستور:
- حق الحرية: الذي ينعكس في العديد من الاستحقاقات مثل حرية التعبير وحق الحديث مع الآخرين والمناقشة حول مشكلات المجتمع ومستقبله وحرية الاحتجاج على موقف أو قضية أو سياسة ما حتى لو كان هذا الاحتجاج موجهاً ضد الحكومة أو رئيس الدولة.
واستخدام حملة تمرد لهذا الحق إنما هي تمارس تلك النصوص الدستورية وتفعلها بدلاً من جمودها فلم تقم حملة تمرد بأكثر مما هو مقرر لها في حق الحرية المكتسب من حقوق المواطنة .
- حق المشاركة: والتي تتضمن العديد من الاستحقاقات مثل الحق في تنظيم حملات الضغط السياسي السلمي على الحكومة أو الرئيس أو بعض المسئولين لتغيير سياساتها وبرامجها وقراراتها وممارسة كل أشكال الاحتجاجات السلمية والاضرابات.
وهذا أيضاً ما قامت به حملة تمرد من تكوين جماعات للضغط لتنفيذ مطالب الحملة بشكل سلمي وقانوني مكفول دستورياً ما يستلزم شرعية عملها وترتيب الآثار القانونية المترتبة على الاستجابة لهذه المطالب وذلك كله تعميقاً لمبدأ الديقراطية القائم على فكرة المواطنة الواردة في الدستور.
كما يجدر أيضاً الإشارة والتأكيد على نص المادة 45 من الدستور التي تنص على: "حرية الفكر والرأي مكفولة لكل إنسان حق التعبير عن رأيه بالقول أو الكتابة أو التصوير أو غير ذلك من وسائل النشر والتعبير".
وفي هذه المادة الواضحة المقصد أبلغ رد لكل من يشكك في شرعية الإجراءات التي تقوم بها حملة تمرد من طبع أوراق ونشر أرائهم على الجميع من الناس واستفتاء الناس عليها بالتوقيع فهذا كله مكفول بحكم الدستور والقانون ولعل البلاغات المتلاحقة المقدمة ضد أعضاء الحملة وكذلك الملاحقات الأمنية كلها ستصطدم بنصوص الدستور الذي ثبت للكافة أن المعترضين عليه يحترمونه أكثر من واضعوه.
ماذا لو تقاعست الجهات المعنية عن توجيه الاتهام إلى رئيس الجمهورية رغم كونه منسوب اليه اتهامات بجرائم عدة؟
تنص المادة 152 من الدستور على: "يكون اتهام رئيس الجمهورية بارتكاب جناية أو بالخيانة العظمى بناء على طلب موقع من ثلث أعضاء مجلس النواب على الأقل ولا يصدر قرار الاتهام إلا بأغلبية ثلثي المجلس".
وبمجرد صدور هذا القرار يوقف رئيس الجمهورية عن عمله ويعتبر ذلك مانعاً مؤقتاً يحول دون مباشرة رئيس الجمهورية لاختصاصه حتى صدور الحكم..."، كما هو مقرر وفقاً للدستور أنه من الجائز أن يوجه إتهاماً ما إلى رئيس الدولة وقد حدد الدستور طريق توجيه الاتهام بطلب مقدم من ثلثي أعضاء مجلس النواب.
وهنا يثور الجدل لأن مجلس النواب ليس له وجود الآن وليس من المقبول أن يتم تعطيل حق توجيه الاتهام لانعدام وجود مجلس النواب لأن الاتهام يكون قائماً بمجرد وقوع جريمة ما والاتهام هنا يكون بمثابة أمراً كاشفاً لوقوع جريمة وليس منشئ لها ولا يتصور قانوناً أن تكون هناك جريمة وقعت بالفعل والإتهام معطل فيها.
وقد يطرح البعض أنه تنتقل هذه السلطة لمجلس الشورى "المؤقت" لكن الرد أن هذا لا يجوز لمجلس الشوري حيث إن السلطات المنقولة إليه رغم بطلانه متعلقة بالتشريع وفي حدود استثنائية ضيقة فقط ودون توسع فلم تنتقل كافة سلطات مجلس النواب إلى مجلس الشورى فبالتالي لا يجوز له ممارسة صلاحيات وسلطات لم تنتقل إليه.
وقد يطرح البعض أيضاً أنه يجوز للنائب العام في حال تقديم بلاغات ضد رئيس الدولة حال ارتكابه أياً من الجرائم وإعمالاً للمبدأ الدستوري أن كافة المواطنين أمام القانون سواء فكان ينبغي على النائب العام أن يأمر بفتح التحقيق في كافة البلاغات المقدمة ضد رئيس الجمهورية فيما يتعلق بقتل الجنود المصريين في رفح المصرية وكذلك قتل المواطين في مدينة بورسعيد وكذلك قتل المواطنين في القاهرة على أسوار قصره وكذلك سحل المواطنين في الشوارع على أيدي وزير داخليته وكذلك خطف المواطنين وقنصهم مثل جابر جيكا وكريستي والحسيني أبوضيف وغيرها وغيرها الكثير والكثير من البلاغات المجمدة.
أما وإن النائب العام وهو وكيل الشعب لم يقم بواجباته في حماية الشعب والتحقيق فيما يقدم اليه من بلاغات.
وعلى افتراض أحقية مجلس الشوري في توجيه الاتهام لرئيس الدولة فهو ايضا لم يفعل رغم كل النداءات الشعبية والجماهيرية منذ عدة شهور متقاعساً أو متخاذلاً أو حامياً لرئيس الدولة .
كل ذلك يدعونا للرجوع إلى الأصيل في ممارسة سيادة الشعب وحكمه لنفسه وبنفسه لأنه في حال غياب مجلس النواب وتقاعس مجلس الشوري والمجلسان لا يعدوان أن يمثلان علاقة التبعية بين النائب والناخب "الوكيل والأصيل" بحيث يعود الأول ملتزماً بأراء ومعتقدات الثاني بغض النظر عن صحتها أو خطئها أو مدى تقبل الاول لها فهي ملزمة له طالما تتوافق مع إرادة االثانى.
وهذا الارتباط بين الوكيل والأصيل يؤدي إلى نوع من أنواع الوكالة الإلزامية .
أما وأنهما (مجلس الشورى – النائب العام) تقاعسا عن تلبية نداءات الجماهير العريضة وأسر الضحايا والمصابين فيرتد الحق لأصحابه "الشعب" المتمثل في الأكثرية التي جمعتها حملة تمرد لممارسة سيادته المشار إليها آنفاً والمكفولة بنصوص الدستور.
ويصبح هذا الحق أكثر ضرورة لعدم وجود مجلس نواب يفترض أن يقوم بمهامه إن طلبت منه.
وهذا التجسيد في العلاقة بين الأصيل والوكيل يعد أثراً مباشراً من أثار نظرية سيادة الشعب .
كماجاء بالدستور ايضا فى مادته 153:
"اذا قام مانع مؤقت يحول دون مباشرة رئيس الجمهورية لسلطاته حل محله رئيس مجلس الوزراء ، وعند خلو منصب رئيس الجمهورية للاستقالة او الوفاة او العجز الدائم عن العمل او لاى سبب اخر يعلن مجلس النواب خلو المنصب "
ففى هذا تاكيد على ان هناك اسباب محددة ومسماة لخلو منصب رئيس الجمهورية كما ان هناك ايضا اسباب غير محددة وغير مسماة لخلو منصب الرئيس"او لاى سبب اخر" لذلك جاءت العبارة عامة مجردة اذا اسباب خلو المنصب ليست واردة على سبيل الحصر انما جاءت لتعكس الواقع الاجتماعى والسياسي والجماهيرى .
اذا نحن لا نتحدث عن قيام مانع موقت يتم تسليم السلطة بموجبه الى رئيس مجلس الوزراء , لكننا نتحدث عن خلو المنصب وبالتالى الدعوة لانتخابات اخرى.
لان المانع الموقت يجعل السلطة فى يد رئيس الوزراء لحين زوال هذا المانع ثم تعود الي رئيس الجمهورية مجددا انما خلو المنصب يدعو للانتخاب بعد الاعلان عنه وبالتالى عدم قابلية اعادتها اليه فاثر المانع الموقت يختلف عن اثر خلو المنصب كما جاء بالدستور واحكامه .
ومن ذلك كانت حملة تمرد معبرة عن تلك الاسباب الاخري المشار اليها بصدر المادة 153 يدعمها واقع مادى متمثل فى توقيعات المواطنين عليها وواقع سياسى شعبى رافض لاستمرار الرئيس فى الحكم مما يؤكد ان استمارات حملة تمرد وفرت سبب من ضمن الاسباب الاخرى التى بموجبها لابد من الاعلان عن خلو منصب رئيس الجمهورية.
هذا ومن ناحية اخرى طبقا لما نصت عليه المادة 37 من قانون الاجراءات الجنائية والتى تنص على " لكل من شاهد الجانى متلبسا بجناية او جنحة يجوز فيها الحبس الاحتياطى ان يسلمه الى اقرب رجل من السلطة العامة دون احتياج الى امر ضبط"
ولما كانت الجرائم التى ارتكبها د/ محمد مرسى اصبحت مشهودة وقد شاهدها كل الشعب المصرى واعلن هذه الشهادة جموع الملايين الموقعة على استمارة تمرد فانه يحق لهذه الملايين ليس فقط الاعلان عن ضرورة عزله او محاسبته جنائيا بل يجوز لهذه الملايين اعملا لنص المادة 37 من قانون الاجراءات الجنائية القبض عليه وتقديمه للسلطات القائمة من اجل العدالة التى تشفى صدور الوطن والمواطنين .
هذا ولما كانت محكمة جنح الاسماعيلية المستأنفة فى حكمها فى الجنحة رقم 338 لسنة 2013 مستأنف الاسماعيلية قد انتهت الى ضلوع د/ مرسى واخوانه وجماعته فى جرائم الهروب والقتل والتخابر وتهريب السجناء الذى كان من بينهم سالف الذكر واخرين بعد اعتدائهم على القوات الامنية للسجون مستخدمين جميع انواع الاسلحة والسيارات تمهيدا لوصول عناصر اجنبية نجحوا بمقتضاها فى تحقيق رغباتهم ومشروعهم الاجرامى .
ولما كانت المحكمة قد رات ان تلك الافعال تشكل جنايات مضرة بامن الحكومة من الخارج والداخل المنصوص عليهم فى البابين الاول والثانى من قانون العقوبات فى المواد 39 ، 40 ، 41 التى نصت على انه يعد فاعلا للجريمة من يرتكبها وحده او يرتكبها غيره يعد شريكا فى الجريمة كل من حرض على ارتكاب الفعل المكون للجريمة ومن اتفق مع غيره على ارتكابها كما اشارت المحكمة الى ارتكابهم للجنايات المنصوص عليها فى المواد 77 ، 88 مكرر فقرة "ثانيا، ثالثا، رابعا " ، 138 فقرة 3
142 ، 143 ، 144 عقوبات ومفاده انه يعاقب بالاعدام كل من ارتكب عمدا فعلا يؤدى للمساس باستقلال البلاد او وحدتها او سلامة ارضيها ويعاقب بالاعدام كل من سعي لدى دولة أجنية او تخابر معها او احد مما يعملون باعمال عدائية ضد مصر.
بناء على ما تقدم
يكون من حق جماهير الشعب التى وقعت على استمارات تمرد او لم توقع وشاركت مؤيدة للموجة الثانية للثورة من اجل انقاذ البلاد والثورة بمن انحرف بها وارتكب كافة الجرائم سالفة البيان ويكون من حق الجماهير الشاهدة على جرائم رئيس الجمهورية ان تمارس حقها فى عزله وتقديمه للمحاكمة واتخاذ كافة التدابير السياسية من اجل استمرار الثورة بحكومة محايدة انتقالية ولجنة قانونية لاعداد دستور جديد للبلاد مع عزل جميع الموظفين المعينين بمعرفته وعلى رأسهم النائب العام الحالي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق